قصيدة أراك طروبا من أجمل قصائد الغزل الأموي

تُجسّد قصيدة أراك طروبا واحدة من أروع نماذج الغزل العفيف في العصر الأموي، وهي مثال حي على رقة الأسلوب وصدق العاطفة عند الشاعر عمر بن أبي ربيعة 1. تتميز القصيدة بطابعها الموسيقي الرقيق وصورها الشعرية المبتكرة، حيث يرسم الشاعر مشاعره بعبارات بسيطة لكنها عميقة التأثير.
يعبر فيها عن ولعه بمحبوبته، ويصف تأثير حضورها عليه، ثم يتدرج في تصوير الغيرة والوجد والحيرة التي يعيشها، بأسلوب يجمع بين الحس الصوفي والتشبيه الحضري. كما تمتاز الأبيات بالاعتماد على الرمزية، واستخدام أسماء الأماكن المقدسة والمواقف الاجتماعية لتقوية الشعور بالتقديس تجاه المحبوبة، دون الابتعاد عن جوهر الغزل.
قصيدة أراك طروبا
أراك طروبا والها كالمتيمِ
تطوف بأكناف السجاف المخيمِ
أصابك سهمٌ أم بُليتَ بنظرةٍ
وما هذه إلا سجيّة من رُمي
على شاطئ الوادي نظرت حمامةً
أطالتْ عليّ حسرتي وتندُّمي
فإن كنتَ مشتاقًا إلى أيمن الحمى
وتهوى بسكّان الخيامِ فأنعِمِ
أُشيرُ إليها بالبنانِ كأنّما
أُشيرُ إلى البيت العتيقِ المعظَّمِ
خذوا بدمي منها فإني قتيلُها
وما مقصدي إلا تجود وتنعَمِ
ولا تقتلوها إن ظفرتم بقتلِها
ولكنْ سلوها كيف حلّ لها دمي
وقولوا لها: يا منيةَ النفسِ إنّني
قتيلُ الهوى والعشق لو كنتِ تعلمي
ولا تحسبوا إني قُتلتُ بصارمٍ
ولكن رمتني من رُباها بأسهمِ
مهذبةُ الألفاظ مكيةُ الحشى
حجازيةُ العينين طائيةُ الفمِ
لها حُكمُ لقمانٍ وصورةُ يوسفٍ
ونغمةُ داوودٍ وعفّةُ مريمِ
أغارُ عليها من أبيها وأمّها
ومن لُجّةِ المسواكِ إن دار في الفمِ
أغارُ على أعطافِها من ثيابِها
إذا ألبستْها فوق جسمٍ منعمِ
عن الشاعر عمر بن أبي ربيعة
عمر بن أبي ربيعة هو أحد أعلام شعر الغزل الأموي، تميز بأسلوبه الحضري الرقيق، وابتعد عن الغزل الجسدي الفج، ليقدّم شعراً راقياً يصف المشاعر والعلاقات بأسلوب فني محبب. نشأ في مكة المكرمة، وسط بيئة أرستقراطية من قريش، وكان شاهدًا على التغيرات الاجتماعية، فعبّر عنها بصدق في شعره، متناولًا أحاسيس العاشق ونظرات المحب ومواقف اللقاء والوداع، بطريقة جعلته متفردًا بين شعراء زمانه.
المعلومة | التفصيل |
---|---|
الاسم الكامل | ![]() |
سنة الميلاد | 23 هـ / 644 م |
مكان الميلاد | مكة المكرمة |
العصر | العصر الأموي |
النوع الشعري | الغزل الحضري |
الوفاة | نحو 93 هـ / 712 م |
أشهر ما يُميز شعره | ![]() ![]() ![]() ![]() |
من أشهر قصائده | ![]() ![]() ![]() |
تحليل عام
يظهر في هذه القصيدة مدى التأثر العاطفي العميق الذي عاشه الشاعر، فقد عبّر عن الحب بطريقة أنيقة، مستخدمًا صورًا شعرية قوية مثل تشبيه المحبوبة بالكعبة، وجمع صفات الأنبياء والحكماء فيها. كما عبّر عن غيرته حتى من ثيابها ومسواكها، في وصف فريد لا يتكرر كثيرًا في الشعر العربي.
- [↩]عن الشاعر: عمر بن أبي ربيعة