سبب نزول الكوثر؟ قصة قصيرة وراء أعظم عطاء

“إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)”
سورة الكوثر، أقصر سور القرآن الكريم، تأتي في الترتيب 108، وتضم ثلاث آيات فقط، لكنها تحمل بين طياتها معاني عظيمة ورسائل خالدة.
تندرج هذه السورة في الجزء الثلاثين من القرآن، وتحمل اسم “الكوثر” الذي يشير إلى النهر المبارك في الجنة، الذي وهبه الله لرسوله محمد ﷺ. وقد ورد في الأحاديث أن من يشرب من الكوثر لا يظمأ بعدها أبداً، ويُحظى بشفاعة النبي الكريم.
لماذا سُمّيت سورة الكوثر بهذا الاسم؟
سميت بهذا الاسم تيمّنًا بالعطاء العظيم الذي وعد الله به نبيّه الكريم ﷺ. والكوثر 1 ليس فقط نهرًا في الجنة، بل يشير أيضًا إلى الخير الكثير الذي وهبه الله لرسوله في الدنيا والآخرة، من النبوة، والقرآن، والذرية، والأتباع المؤمنين.
سبب نزول الكوثر
وردت عدة أقوال في سبب نزول الكوثر، لكن الرواية الأرجح جاءت عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، حيث نُسب نزولها إلى موقفٍ جرى بين النبي ﷺ والعاص بن وائل، أحد كبار قريش.
ففي أحد الأيام، خرج النبي ﷺ من المسجد، فالتقاه العاص عند باب بني سهم وتحدث معه. وكان بعض وجهاء قريش يجلسون في المسجد، ولما دخل عليهم العاص سألوه: “من كنت تحدث؟” فقال بازدراء: “ذاك الأبتر”، مشيرًا إلى النبي ﷺ.
وقد جاء هذا الوصف بعد وفاة عبد الله، ابن النبي من السيدة خديجة رضي الله عنها. ففي أعراف العرب آنذاك، كان من لا ولد له من الذكور يُعدّ “أبتر” – أي لا ذكر له بعد وفاته.
لكن جاء الرد الإلهي سريعًا وحاسمًا، إذ نزلت سورة الكوثر تسليةً للنبي ﷺ، وردًا على من تطاول عليه. فقال الله تعالى: “إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ” – أي إن من يكرهك ويحاول أن يطفئ ذكرك، هو المنقطع حقًا، لا أنت.
دروس عظيمة من سورة قصيرة
رغم قصرها، الاا ان من سبب نزول الكوثر دروسًا غنية:
- أن العطاء من الله لا يُقاس بالمقاييس الدنيوية، فقد يمنحك الله ما لا تراه العيون.
- أن الذكر الحقيقي هو لمن يكون مع الله، لا لمن يتطاول على أوليائه.
- أن الله يدافع عن رسله وعباده المخلصين، ولو بعد حين.
- أن العبادة (الصلاة والنحر) شكرٌ عملي على النعم.
إنها سورة تثبّت القلوب، وتُعلي من قدر النبي ﷺ، وتُذكر كل مسلم بأن العطاء الحقيقي لا ينتهي، طالما أن الله هو الواهب.
- [↩]سورة الكوثر: مكتوبة كاملة بالتشكيل