المجتمع والهوايات اتهام يرسلك لعالم الخذلان

المجتمع والهوايات
في مجتمعنا، قد لا يُسألك أحد عن أفكارك أو قيمك بل عن هوايتك… ثم يبدأ الحكم.
مجرّد أن تقول إنك تحب تربية الحمام، أو تصنع مجسمات مصغّرة، أو تهوى تصليح الراديوهات القديمة — ستجد من يرفع حاجبه، أو يبتسم ابتسامة لا تخلو من التحقير، أو يهمس بجملة تنتمي لعصر آخر: “اللي يربي حمام لا تُقبل شهادته” هكذا هو حال المجتمع والهوايات.
لماذا نحكم على الناس من هواياتهم؟
الهوية [mfn]Hobby[/mfn] في مجتمعاتنا غالبًا ما تُختصر في العمل، المظهر، وما يُشبه “الصورة الرسمية”. أما الهواية، فهي كأنها “زائدة اجتماعية” لا يُنظر إليها بجدية، وأحيانًا تُستخدم للحكم على عقل الإنسان أو مكانته.
هذه النظرة تنبع من:
- فهم سطحي للكرامة والهيبة.
- ثقافة تربط الجدية بالصرامة والجفاف.
- قوالب اجتماعية موروثة لا تُتيح للإنسان أن يكون “إنسانًا” بكامل فضوله واهتماماته.
الهوايات ليست ترفًا
الهوايات، في جوهرها، هي التعبير الأصدق عن الذات. إنها لحظة التصالح مع النفس، والرغبة في الإبداع والاتصال بالشيء الذي يمنح الروح طمأنينة.
هل يمكن أن يكون مَن يحب الرسم أقل جدارة من مَن يحب السياسة؟هل من يعتني بحمام على سطح منزله، أقل عقلًا من مَن يعتني بمحفظة الأسهم؟
حين يكون الخذلان سلاح الظالم
حين نربط بين الهواية والقيمة، نقع في فخّ التحيّز الساذج. نمنع الموهوبين من التقدّم، ونغلق أبواب الفرص، ونخنق التعدد الذي يصنع المجتمع المتزن.
كم من “مُدان مجتمعيًا” بسبب هوايته، أثبت أنه أكثر عقلانية، صدقًا، وإنجازًا من كثير ممن ارتدوا عباءة الجدية المزيّفة؟
فلنُعد تعريف الإنسان
المجتمع الذي يحكم على الاخرين من الهوايات لا يُنصف أحدًا بل يرسله لعالم الخذلان. لأننا لسنا مهنة فقط، ولا هوية وطنية، ولا قائمة إنجازات.نحن، في عمقنا، كائنات تحلم، تجرّب، تفرح، وتحب أن تُجرب الحياة من زوايا مختلفة.
فلنُحاكم الإنسان بأخلاقه، لا بهوايته.