آداب دخول المسجد وأحكامه في ضوء الكتاب والسنة

ذكر أهل العلم أن هناك آدابًا للمساجد، وهذه الآداب مستمدة من الكتاب والسنة النبوية. والمقصود بـ”آداب دخول المسجد” هي الأوامر والنواهي والمستحبات التي ينبغي مراعاتها عند دخول المسجد أو قبله أو بعده. تشمل هذه الآداب: الالتزام بالنظافة، الذكر والدعاء، الحشمة، والسكينة. وسنتعرف في هذا المقال على أهم آداب دخول المسجد كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، مع الأدلة الشرعية على كل منها.
آداب دخول المسجد
استحباب لبس الثياب الحسنة واستعمال السواك
من آداب دخول المسجد المستحبة التزين بالثياب النظيفة والجميلة، وكذلك استعمال السواك. فقد قال تعالى:
﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ (الأعراف: 31) 1.
وروى أبو داود في سننه من حديث محمد بن يحيى بن حبان رضي الله عنه:
“ما على أحدكم إن وجد، أو ما على أحدكم إن وجدتم، أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته” 2.
وهذا يؤكد أهمية التجمل عند الذهاب إلى المسجد.
النهي عن دخول المسجد لمن أكل الثوم أو البصل ونحوهما
نهى النبي ﷺ عن حضور المسجد لمن أكل من الثوم أو البصل أو الكراث، وذلك لما له من رائحة كريهة تؤذي المصلين.
“مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ، وَالثُّومَ، وَالْكُرَّاثَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا…” (رواه البخاري ومسلم) 3.
وينطبق هذا النهي كذلك على التدخين وغيره من الروائح الكريهة.
المشي إلى المساجد
من السنن العظيمة المشي إلى المسجد بخشوع، ففي سنن أبي داود:
“مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ…”
وفي صحيح مسلم:
“إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط”.
التبكير في الذهاب إلى المسجد
حثّ النبي ﷺ على التبكير للذهاب إلى المسجد. قال في حديث رواه البخاري ومسلم:
“لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه”.
المشي إلى الصلاة بخشوع وسكينة
قال ﷺ:
“إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا…” (رواه البخاري ومسلم).
وهذا يبين أهمية المشي الهادئ دون عجلة.
الدعاء المأثور عند الذهاب إلى المسجد
يستحب للمسلم أن يدعو بالدعاء المأثور عند الذهاب للمسجد، كما ورد في صحيح مسلم في قصة تهجد النبي ﷺ:
“اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي لساني نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا…”
وسأل العلماء: سأل النور في جميع جهاته طلبًا للهداية والتوفيق.
النهي عن تشبيك الأصابع
نهى النبي ﷺ عن تشبيك الأصابع في المسجد أو عند الذهاب إليه. روى أبو داود في سننه:
“إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدًا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه…”
وهذا من الأدب والسكينة.
الأدعية عند دخول وخروج المسجد
الدعاء عند دخول المسجد يقول:
“اللهم افتح لي أبواب رحمتك” (رواه مسلم).
وعند الخروج:
“اللهم إني أسألك من فضلك”.
وروى أبو داود:
“أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم…”
وهذا الدعاء يحفظ المسلم من الشيطان سائر اليوم.
متابعة المؤذن وترديد الأذان
من الآداب متابعة المؤذن وقول مثل ما يقول، ما عدا “حي على الصلاة” و”حي على الفلاح”، فيقول: “لا حول ولا قوة إلا بالله”.
كما ورد في حديث سعد بن أبي وقاص:
“من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله… غُفِرَ له ذنبه”.
ويُشرع الصلاة على النبي ﷺ بعدها.
الإكثار من ذكر الله تعالى
من أهم آداب وسنن دخول المسجد الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن، والابتعاد عن لغو الحديث. قال ﷺ:
“إنما بنيت المساجد لما بنيت له” (رواه مسلم).
وفي حديث آخر:
“هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن”.
صلاة ركعتين عند دخول المسجد
من آداب المسجد روى البخاري ومسلم عن النبي ﷺ:
“إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين”.
وهما تحية المسجد، وهي من السنن المؤكدة.
النهي عن البيع والشراء وإنشاد الضالة
من أحاديث آداب المسجد قال ﷺ:
“إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك” (رواه الترمذي).
وكذلك النهي عن سؤال الناس في المسجد، فالمساجد لم تُبنَ لذلك.
النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لضرورة
روى مسلم:
“كنا قعودًا في المسجد مع أبي هريرة رضي الله عنه، فأذن المؤذن فقام رجل من المسجد، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم ﷺ”.
الخلاصة :
تطرّق المقال إلى أهم آداب دخول المسجد كما وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية، بدءًا من الاهتمام بنظافة الملبس والتعطر واستعمال السواك، مرورًا بالنهي عن الروائح المزعجة والبيع والشراء داخل المسجد، ووصولًا إلى الالتزام بالدعاء المأثور، التبكير لصلاة الجماعة، والمشي بخشوع وسكينة. كما أكّد المقال على ضرورة الالتزام بتحية المسجد، الإكثار من الذكر، وعدم الخروج بعد الأذان إلا لضرورة. تتجلى هذه الآداب في تعزيز روحانية المسلم وتهذيب سلوكه داخل بيوت الله.
- [↩]القرآن الكريم – تفسير الطبري – تفسير سورة الأعراف – الآية 31
- [↩]الحديث: لا على أحدكم إذا وجد سعةً أن يتخذَ ثوبينِ لجمعتِه سوى ثوبي مهنتِه
- [↩]باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كرّاثا أو غيره مما له رائحة كريهة عن دخول المسجد